مشاركة :
بيان حول أعمال اللجنة الدستورية السورية
بعد أكثر من عامين على إطلاقها والإشراف الروسي على عملها، تحولت "اللجنة الدستورية السورية" التي نتجت عن مؤتمر سوتشي ومسار أستانا إلى وسيلة لكسب الوقت في اجتماعات توصف زيفاً بالعملية السياسية على حين أنها فعلياً تجميدٌ للحل السياسي المستند لبيان جنيف 2012 وقراري مجلس الأمن 2118 و 2254 الذي سينهي معاناة السوريين، ويحقق طموحهم بإقامة نظام سياسي ديمقراطي وعادل.
لم تكن المسألة السورية يوماً مشكلة دستورية، ولا يرتبط الصراع السوري بالدستور إنما بمن يستخف بالدستور و القوانين وحياة الناس. إنها قضية شعب ثار من أجل الحرية والكرامة على نظام متسلط قاتل، دمَّر البلاد وهجَّر الشعب، وعاث في سورية فساداً وتخريبا. باع مقدرات البلاد ومؤسسات الدولة ومصالحها، ورهنها للمحتلين الذين أبقوه على كرسي الحكم وفوق أعناق الشعب.
إن تقليص الصراع في سورية إلى جملة من النقاط تم وضعها في سلال، واختيار إحداها لتكون أساساً للحل يشكل تطاولاً على مرجعيات العملية السياسية والتفافا بيناً على القرارين الأمميين 2118 و 2254، يحرف مسار الحل السياسي التفاوضي عن أسسه القانونية. إذ تنص المرجعيات الدولية بوضوح على أولويات الخطوات التفاوضية والتطبيقية للحل السياسي بدءاً من الانتقال السياسي وتأسيس هيئة حاكمة كاملة الصلاحيات التنفيذية لتشرف على البيئة المحايدة المناسبة والضرورية لصياغة الدستور بأدوات ديمقراطية وإجراء الانتخابات ضمن مناخ آمن وبضمانات قانونية وإشراف دولي. إن ما يجري تحت اسم " اللجنة الدستورية " يعطي رسالة زائفة وينشر الوهم الكاذب عن استمرار العملية السياسية في وقت يتم فيه تشويهها والتطاول عليها لحرفها عن مسارها، وإيجاد بديل عن العملية السياسية الحقيقية التي رسمتها القرارات الأممية، وأقرتها الإرادة الدولية، ووافقت عليها قوى الثورة والمعارضة.
لم يفوض الشعب السوري أحداً بتسمية لجنة دستورية ووضع دستور. كما لم تخول القرارات الدولية روسيا الاتحادية أو غيرها من الدول أو المنظمات بما فيها الأمم المتحدة بفرض لجنة تضع دستوراً للسوريين. فالدستور السوري من اختصاص السوريين ومن مهام المرحلة الانتقالية، تضعه داخل البلاد جمعية تأسيسية منتخبة تمثل جميع مكونات الشعب، ويتم إقراره عبر استفتاء عام. وغير ذلك تهاون وتفريط لن يكون مقبولاً من السوريين، ويشكل استهانة بتاريخهم واعتداء على حقوقهم وكرامتهم، ولن يسهم إلا بزيادة مأساة الشعب وإطالة أمد المحنة السورية.
يصر السوريون على حل سياسي تفاوضي بدعم من المجتمع الدولي ومن الدول الصديقة ضمن أطر المصلحة الوطنية للثورة السورية ولعموم البلاد، وإن أي تحرك خارج هذا الإطار سيصب في مصلحة تكريس الاستبداد والتخلي عن هدف تحرير الوطن من التسلط والقهر والفساد الذي قدم السوريون كل غالٍ لتحقيقه.
نرى أن الحل السياسي يجب أن يعود إلى مسيرة العملية السياسية التي تم تحديدها في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 262/67 وقراري مجلس الأمن 2118 و 2254. ولذلك نهيب بالمجتمع الدولي أن يدعم المسار الحقيقي للعملية السياسية واستئنافها، وندعو جميع السوريين وقوى الثورة والمعارضة للتنبه إلى خطورة ما يجري والالتزام بالخط الوطني الداعي إلى الانتقال السياسي الذي يقود إلى سورية ديمقراطية حرة، وعدم منح نظام القتل والتدمير -من خلال أعمال هذه اللجنة ونتائجها - أي فرصة لاستعادة شرعية زائفة ودور مفقود.
إن التحركات السياسية الحالية تحت عنوان "اللجنة الدستورية" وأعمالها سوف تسمح باستمرار الهيمنة وإعادة إنتاج النظام بانتخابات غير شرعية والاستمرار في حكم البلاد بالعنف والفئوية من خلال الأجهزة الأمنية. وتنال من حق الشعب السوري في تثمير تضحياته لصنع مستقبله ومصيره.
٥ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٠
الموقعون:
أحمد معاذ الخطيب
أيمن أبو هاشم
جورج صبرا
حازم نهار
حسام الحافظ
حسان الصفدي
رديف مصطفى
رياض الترك
سمير نشار
سهير الأتاسي
عبد الباسط سيدا
عبد الحكيم قطيفان
عبد الكريم بكار
فداء حوراني
لؤي صافي
محمد صبرا
ميشيل كيلو
ياسر العيتي