مشاركة :

| مختارات
Logo

إعادة تدوير بشار أو تقسيم سورية بقلم : الأستاذ عبد الرحمن جليلاتي - أمين سر حركة سورية الأم

الصراع على سورية اليوم محتدم بين القوى الكبرى، وكل طرف منها يسعى لمصالحه، وبين رسم خطوط تجارية وخطوط طاقة جديدة يقف الشعب السوري مشدوهاً ظاناً أنه غير قادر على مواجهة تلك المشاريع التي تحوم بالأفق.

لن نستطيع فهم تصريحات الملك عبدالله الثاني التي أدلى بها في واشنطن ولا زيارة عبدالله بن زايد التي قام بها لدمشق بدون تقدير لموقف شامل عما يحصل اليوم على الجغرافية السورية، كما أننا لا نستطيع التحليل بلا معطيات حقيقية بعيداً عما يقال في الإعلام، وخلافاً للسابق فإن نظرة على الواقع اليوم نستطيع من خلالها الوصول للحقيقة،  فظاهر الصورة اليوم يشي بأن هناك سيناريو واحد يتم العمل عليه على الأرض من قبل أقوى دولة في العالم (الولايات المتحدة) وهو تقسيم سورية.

هذه الأجندة وإن كانت غير معلنة لدى الولايات المتحدة ومن خلفها إسرائيل للتقسيم، إلا أنها وكما يبدو تسير بدون أي عقبات حقيقية، فخيار الأمريكيين بات واضحاً تماماً وهو الاعتماد على المكون الكردي في المنطقة الشرقية وتجاهل باقي المكونات، وكل ما يجري اليوم من تحركات سياسية إنما يدور حول هذه الحقيقة.

فالموقف الروسي من هذه الحقيقة هي أنها ترفضها تماماً وقد صرحت بذلك صراحة على لسان نائب وزير خارجيتها سيرغي ريابكوف بتاريخ 14/9/2021م الذي أشار إلى وجود مخطط لدى الولايات المتحدة لتقسيم سورية وأن موقف بلاده هو دعم وحدة الأراضي السورية بناء على قرارات مجلس الأمن الدولي، لكنها في الوقت ذاته لا تستطيع القيام بشيء حيال ما تفعله الولايات المتحدة في الوقت الحالي، وتحاول بدل المواجهة العمل على تغيير المخرجات النهائية، تماماً كما فعلت إيران في العراق إبان الغزو الأمريكي فقد كانت المخرجات لصالحها في نهاية الأمر رغم الفاتورة الأمريكية الضخمة التي دفعت هناك، فنجد روسيا تعمل على تقريب المسافات بين قسد والنظام بغية التوصل لاتفاق على تقاسم السلطة لاحقاً عندما تنسحب الولايات المتحدة من المنطقة، وهو ما يراهن عليه الروس، فهي تدرك أن شوارب عبدالله أوجلان هي نفس شوارب ستالين وأن هذه الحركة لا تمت بصلة للغرب، وبالنسبة للنظام فالأمر جيد لأنه يمكن أن يؤسس لفيدرالية يستطيع استنساخها لاحقاً في مناطق أخرى من سورية.

أما الموقف تركي فهو مشابه لما يقوم به الروس، فهم غير قادرين على تغيير الموقف الأمريكي، لذلك فهم يحاولون تنظيف المناطق التي تقع تحت سيطرتهم من الإرهابيين (كما هو متفق مع الروس) عن طريق الجولاني تارة وعن طريق الاغتيالات تارة أخرى، ثم كمرحلة لاحقه توحيد كل المنطقة بعد تحييد النسق القيادي الحالي بآخر مقبول لدى المجتمع الدولي ليتم خلق كيان مستقل لكنه تابع، شأنه شأن قبرص التركية في أحسن الأحوال إذا لم تكن ترتيبات الحل النهائي مرضية بالنسبة لهم، أما إذا كان الحل النهائي مقبول فمن الممكن أن يكون هذا الكيان جزء من الفيدرالية السورية.

بالنسبة لإيران فرغم أن الجميع يطالبها بالخروج إلا أن لديها أجندة خاصة بها أيضاً وهي الاستثمار بالمجتمع في جميع المناطق، فهي تبني علاقة مجتمعية في المناطق الشرقية وفي المناطق التي تخضع لسيطرة النظام معاً، وهي تدرك بأن التواجد على الأرض وخلق مجتمعات موالية أهم وأكثر فعالية وأقل تكلفة من السيطرة على جغرافية واسعة وسط حضور قوى مختلفة ذات إمكانيات أكبر من إمكانياتها.

الموقف العربي واضح فهو منقسم كالعادة فمنهم من يستثمر بمناطق النظام ومنهم من يستثمر بالمناطق الشرقية تحت أعين الأمريكيين، ومنهم من مازال يعترف ولو بالحد الأدنى بوجود معارضة سياسية ومنهم من يعمل مع الجميع.

في ظل هذه الحقائق نستطيع أن نقول إن إجراءات الحل النهائي لم تبدأ بعد رغم وجود عدد من المشاريع على طاولة القوى الفاعلة، لكن عدم انخراط الأمريكيين في أي منها يجعلها غير قابلة للتفعيل، لذلك سيبقى الوضع على ماهو عليه في المستقبل المنظور مع مراهنة الترويكة الروسية التركية الإيرانية على عامل الوقت الذي يأتي دائماً بسياسيين أمريكيين جدد قد يتخذون قرارات مختلفة قد تغير في الواقع الحالي شيئاً ما، وحتى ذلك الوقت لا النظام ستتم إعادة تدويره لأن الفيتو الأمريكي عليه مازال قائماً، ولا القوى المناهضة للتقسيم تملك القدرة على كسر الواقع الذي تفرضه أمريكا من خلال تواجدها وحمايتها للوحدات الكردية الانفصالية شرق سورية.

بالنسبة لما يمكن للشعب السوري فعله اليوم فهو يتمثل في قلب الطاولة على العصابات الإرهابية المتواجدة في المناطق خارج سيطرة النظام وتنظيم تلك المناطق تحت راية واحدة والبدء بحرب تحرير شاملة انطلاقاً منها، مالم يحدث ذلك فلن يتغير شيئ على الأرض والنتيجة ستكون إما بانتصار مشاريع التقسيم وتثبيت الوضع الحالي مما يعني خسارة سورية التي نعرفها للأبد، وإما نجاح المراهنة على عامل الوقت واستعادة النظام السيطرة على أجزاء واسعة من سورية، يترافق ذلك مع تغييرات في بنية النظام قد تفضي إلى تغيير في سلوكياته إذا ترافق هو الآخر بتحييد نسق القيادات الحالية داخل النظام، وهو ما لا تشير له المعطيات في الوقت الحالي، كلا السيناريوهين لا يفترض أن يكون النتيجة النهائية لثورة شعبية نادت بالحرية والكرامة وبناء دولة جديدة قائمة على العدل والمساواة.

Logo

حركة سورية الأم - الموقع الرسمي
للتواصل معنا : info@omsyrm.com

حركة سورية الأم حركة وطنية مجتمعية ذات تأثير سياسي ، وتوجه نابع من الفكر السوري الوسطي ، تسعى لإنقاذ سورية وبنائها ، وتعزيز الحاضنة الوطنية ، وهدم الاستبداد ، و تعبر عن طموح الشعب السوري في بناء دولة المواطنة وسيادة القانون ، وتحقيق آماله في الحرية والكرامة . تؤمن الحركة بأن سورية كنز إنساني ، وأن الشعب السوري شعب حي عريق وله دور حضاري تجديدي وفريد.

© Copyright 2024 Our Mother Syria Movement , All rights reserved.