مشاركة :
( بشار الأسد والعمائم المنافقة نموذجاً )
لا يبالي الإنسان كثيراً أبالي بأصحاب المصالح الدنيوية، فطبيعة الاحتيال الدنيوي تملي عليهم النفاق الدائم، وربما يساكنهم الرعب المبين من الحكام وأزلامهم، ولكن المذهل حقاً هو من يلبسون العمائم البيضاء الطاهرة فتستحيل على رؤوسهم قطعاً من الفحم الأسود.
اضطراب الناس وبطش الحاكم وقسوة الظروف قد يكبح جموحها خطاب وعي جامع ، وإعادة توازن على أيدي علماء دين أبرار يعلمون أن مقاصد الدين الإنسانية هي الوعاء الجامع والمظلة الواسعة في أصعب الظروف ؛ أما إذا اعتمد سيف الحاكم على فتوى العالم فهو الهلاك لكل الناس ، فالسيف يقتل مرة ، والفتوى الجائرة تبقى تقتل الناس إلى يوم الدين .
يبيع رجال الكهنوت الانتهازي مصالح الناس بمصالحهم الذاتية ، ويمضون في درب نفاق لا ينتهي ويصبحون جزءاً من آلة البطش بالشعوب وقضاياها الأساسية في الحياة .
قام منافق معقباً على كلمة أحد الحكام فقال : لقد اهتز عرش الرحمن لكلمة الرئيس القائد …. وسكت الجميع بين منافق أو غبي أو جبان، وكأن الإسلام سوف يموت إن مضى واحدهم للقاء الله سعيداً شهيداً… ومكر الجالسون جميعاً بالرئيس المغرور، ثم دارت الأيام وأعدم السيد الرئيس القائد … بحبل ملفوف حول عنقه وفي مكان لا يليق إلا بعصابات الإجرام والأشقياء، وبقي بعض من غشوه ينتشرون في الأرض هنا وهناك يبحثون عن صيد آخر يفترسونه ويبيعونه المكر والنفاق.
وحصلت مرة مواجهات مسلحة بين جماعة إسلامية وإحدى الحكومات فلم يكن دور بعض العلماء حل الإشكالات ولا تعطيف قلوب الحكام على التائهين من الشباب، ولا رد الشباب إلى الصواب، بل كانوا أسبق من الحكام في التنكيل فلم يعطوا أبناء الإسلام حتى صفة البغي ، بل أعلنوا أن حد الحرابة هو الذي يجب أن يطبق على الشباب المسلم، وغمسوا أيديهم في دماء الأمة بما لم تنغمس به يد حاكم ولا فرعون.
بعض لابسي العمائم عملهم هو التهريج والكذب وكتمان الحق، أما حقوق الإنسان وعدالة القانون وإيقاف النهب والسلب للأموال العامة ومنع الرشوة والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ورد المظالم وإلغاء سيطرة الحزب الواحد فقد تعافوا من ذلك تماماً ، وقد كانوا الأجدر في الريادة فيه.
ويتناقل الناس أن أحدهم قال مخاطباً أحد الحكام: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله … ) وبحثت في كل التفاسير التي وصلت إليها يدي لأجد شبهة تدفع ما هو قريب من الكفر بهذه الجراءة على الله فلم أجد، إذ أن الآية خاصة بالنبي الهادي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يجوز أن تقال لعمر بن الخطاب ولا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما وأرضاهما.
يتحول النفاق مع الوقت إلى إدمان لابد من زيادة جرعته ، وأوصل أحد سكارى النفاق ليزعم أن حاكماً متوحشاً مجرماً يتخلق بأخلاق الله.
ليس الغريب إلحاد جموع من الناس نتيجة هذا الخطاب المزري ، بل الغريب حالة العمى الأخلاقي التي يحملها المتاجرون بالأديان ثم لايحسون بشناعة ما يعملون .
للإمام الغزالي لفتات عظيمة ومنها قوله أن الإنسان بحاجة إلى عدو مشاحن أكثر من حاجته إلى صديق مداهن .. وذلك لأن المشاحن يعين على إصلاح النفس، والمداهن يزكيها كل لحظة، بل ويمنع من رؤية عيوبها فيزداد الخلل وتتسع الثغرات.
فلنرفع أصواتنا متكلمين عن الحق، غير آبهين بالباطل، ولتأخذ الأسماء حقائقها ، ولنقل للمنافق أنه ينافق، وللمزاود أنه مزاود . ولنحذر من الفتنة عن بعض ما أنزل الله إلينا، ومن ضياع الحق على أيدينا ، بل لنمتنع من الصلاة وراء المنافقين بلا عودة ، ولتكف أيدينا عن التبرع لأية جهة تستثمر بيوت الله لتزيد الناس إعراضاً عن الله .
كانت خطبة العيد لهذا العام خطبة النفاق بلا حدود ، وستبقى لمئات السنين تدرس كنموذج الانحطاط الديني الوضيع ، وقد بلغ ملقيها غاية في الانحدار الشرعي والأخلاقي تعجز الكلمات عن وصفه ، و نعتقد أن الصلاة وراء مثل ذلك المنافق لا تجوز ، أما طرش تيوس المخابرات الذين ألبسوهم العمائم ليهتف أرذلهم بالنصر لفرعونهم ؛ فلم يكونوا أوضح منهم اليوم .. سافل يعمل في فرقة إنشاد عند اللزوم وهو مساعد في فرع الأمن الداخلي (ومن جوبر المدينة الشهيدة).
– (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) .(البقرة ٧٩). – (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) (البقرة ١٥٩).